جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
42973 مشاهدة
باب وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فسماهم المؤمنين

باب: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فسماهم المؤمنين.
حدثنا عبد الرحمن بن المبارك حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل، قال: ارجع، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فقلت: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه .


وهذا أيضا من شعب الكفر وهو الحرص على قتل المسلمين أو قتالهم، في هذه القصة أن عليًّا -رضي الله عنه- لما خرج عليه أهل العراق توجه إليهم ليردهم إلى طاعته مع أنهم مسلمون.
الأحنف بن قيس من القادة والسادة كان مشهورا في قومه مطاعا وكان جريئا شجاعا، فتوجه لينصر عليًّا مع أن القتال بين المسلمين، فنصحه أبو بكرة نفيع بن الحارث الثقفي وقال له: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فتعجبوا وقالوا: هذا القاتل قتل مسلما فما بال المقتول؟ فقال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه .
هكذا جاء في هذا الحديث أن محبة الكفر أو محبة قتال المسلمين خصلة من خصال أهل النار، وأن الذي يكون حريصا على قتل صاحبه يستحق العذاب، وهذا من أحاديث الوعيد، إذا قيل إنه في النار فنقول: إذا لم يعف الله عنه، أو نقول: إذا دخل النار فإنه لا يخلد فيها إذا كان مؤمنا أو إذا كان من أهل الإسلام الظاهر.
ولا شك أن عليًّا -رضي الله عنه- كان ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يقال: إنه خاض ما لا يحل له، ولكنه توجه لقتال أولئك الخارجين عليه لأجل جمع الكلمة؛ لأجل أن تجتمع كلمة المسلمين ولا يكونون متفرقين، قاتل معه الأحنف وغيره ونصروه، وكان بعد ما انفصلت الحرب انفصلت وتمت البيعة لمعاوية وصار هو الخليفة استسلم له أيضا، ومدحه معاوية وقال: إن هذا الرجل إذا غضب يغضب له عشرون ألفا من قومه لا يسألونه مما غضب، يعني: أنهم يطيعونه ويقاتلون معه على أية حال، فلما كان سيدا مطاعا في قومه أحب أن ينصر عليًّا وتم ذلك كما هو الواقع.